نقلا عن صحيفة تشرين السورية
مازالت الذاكرة الجولانية تجول بنا في كل شبر من ارض الجولان المحتل،
حيث الذاكرة التي لا تنسى تلك الايام التي قضيناها في كل قرية حللنا بها ونحن اطفال صغار لم نكن ندري ان تجوالنا آنذاك سيقودنا في يوم من الايام لنتحدث عن هذه الذاكرة العامرة بذكريات اولئك الرجال الذين نذروا انفسهم دفاعا عن الارض التي كان يحاول الصهانية الاعتداء عليها قبل أن تحتل عام 1967..الذاكرة تقودنا اليوم الى قرية عريقة في القدم .. تتمتع بميزات جميلة كانت قبل ان تحتل زاخرة بمبانيها التي تفنن ابناؤها في تصميمها المعماري.. فكانت شاهدا على عراقة البناءين السوريين..
إنها قرية الجويزة..القرية تقع في ارض بركانية وعرة، إلى الغرب من سلسلة تلال السماقات- عكاشة، وهي إحدى التلال الاستراتيجية الهامة في الجولان يبلغ ارتفاعها حوالي 1158م.
تقع القرية على الطريق العام من القنيطرة الى الرفيد حيث مفارق الطرق إلى الحمة وإلى نوى- شيخ مسكين وتبعد عن مدينة القنيطرة حوالي 8 كلم وتبعد قرية الجويزة عن بلدة الخشنية مركز الناحية حوالي6 كلم إلى الشمال الشرقي.
وتجاور من الناحية الغربية قريتين هما بير عجم والبريقة وتلالهما. وقد بنيت القرية على السفح الغربي لتل يعرف بتل كودنة نسبة إلى قرية كودنة الواقعة على السفح الشرقي للتل.
تشكيل القرية يعود إلى الفترة الهلينسيتية أو الرومانية. في الفترة البيزنطية كان يسكن القرية عدد من المسيحيين، عدد سكان القرية 300 نسمة فوق سن العاشرة وفيها 70 منزلا من التوت. وكانت القرية وسكانها يعيشون في حالة انتعاش اقتصادي.
مدرسة القرية مبنية من الحجارة البازلتية وفيها مسجد ونبع ماء مجاور للقرية يسمى نبع الجويزة يشرب منه سكان القرية.
واعتمد سكانها العرب السوريون قبل عدوان حزيران عام 1967 على زراعة الحبوب والبقوليات في الأراضي البعلية والأشجار المثمرة والخضروات في الأراضي المروية واعتنوا في تربية الأغنام والمواشي والأبقار وقد اشتهرت قرية الجويزة بصناعة السجاد وتصنيع المواد الغذائية من مشتقات الحليب.
وفي العام 1960 بلغ عدد سكان القرية877 نسمة وفي العام 1967 بلغ عدد سكانها حوالي 1080 نسمة..
في العام 1967 وأثناء عدوان حزيران تصدت القوات السورية المرابطة في حرش الجويزة للقوات الصهيونية التي قصفت القرية وحرشها بالطائرات الحربية ويروي شهود عيان أثناء عدوان حزيران انه في تمام الساعة الرابعة من مساء الاثنين من بعد الظهر الواقع في 12 حزيران.. كانت تتقدم كتيبة دبابات اسرائيلية 40 دبابة على طريقة الرفيد- الجويزة- القنيطرة وما إن وصلت مقدمة الرتل الى مشارف الحرش المحيط بقرية الجويزة حتى تصدت نيران القوات السورية للكتيبة الصهيونية فأوقعت فيها خسائر كبيرة، واستنجد قائد الكتيبة بالطيران الحربي لإنهاء المقاومة العربية السورية .. وجاءت طائرات الهليوكبتر الإسرائيلية وأحرقت أرض الحرش كلها برشاشاتها.. واستمرت المقاومة العربية السورية حتى صباح الثلاثاء 13 حزيران..
عندها عادت كتيبة الدبابات الإسرائيليلة واستكملت تقدمها لإكمال احتلال القرية وطريق الرفيد القنيطرة.
ويروي بعض النازحين من أبناء قرية الجويزة،. عن تلك المقاومة التي عطلت إكمال احتلال القنيطرة مدة لا تقل عن 18 ساعة أن الذي تصدى للكتيبة الاسرائيلية هو شاب من أبناء القرية.
وفي حرش الجويزة كان احد الجنود السوريين يعمل ضمن طاقم المدفعية المضاد للطائرات حيث استطاع إسقاط أربع طائرات ميستير اسرائيلية بمدفعه وحده عيار 14.5 مم وبقي يقاوم حتى استشهد بعد أن قامت أربع طائرات اسرائيلية بقصف مصدر النيران فاحتراقت جثته مع مدفعه.
القرية اليوم مدمرة تماما، ولم يتبق منها سوى آثار وبقايا الدمار وبعض الأشجار، ونبع الجويزة الذي مازال يحافظ على جريانه باتجاه الجنوب فيما اشجار الصفصاف تلقي بظلالها عليها.
بعد الحرب أجبرت القوات الصهيونية أبناء القرية على مغادرتها قبل ان تقوم بتدميرها وتسويتها بالأرض.
أبناء القرية ينتظرون اليوم الذي يعود فيه الجولان بأكمله إلى الوطن الأم ليعودوا ويبنوا قريتهم التي هدمتها قوات الصهاينة المحتلين، وان هذا اليوم ليس ببعيد لأن عزيمة الرجال والمواقف المبدئية والثابتة ستعيد الحقوق والارض لاصحابها وهذا ليس ببعيد كما قلنا أيضا.